محاولة لتعريف المتمرد:
من هو المتمرد:
التمرد أحد الابعاد الاساسية للجنس البشري
ألبير كامي
أول ما يتبادر الى الذهن مع ذكر كلمة "تمرد" هو الرفض، لكن مع المرور من حبائل التفصيلات، نستطيع ان ندرك انه ليس كل رفض هو تمرد، هناك الرفض الصامت المستتر والمحتشم التبريري، وهناك الرفض الذي يشبه الحياد السلبي في ألوانه الرمادية ثم الداكنة، لذلك سنضيف الى كلمة رفض كلمة أخرى وهي "التحدي" . والتحدي كلمة بمعنى ايجابي عندما تضاف الى الكلمة الاولى، انه الانتقال من العدمية السلبية الى التفاؤل العملي، من رد الفعل الى الفعل ونمضي معا في تعريف كلمة تمرد التي لا نستطيع حصر تعريفها في مرادف واحد فريد، ليس كل من قال لا وتحدى هو متمرد بطبيعته، وبالتالي سنكون قد منحنا أنفسنا حق اضافة الكلمة الاخيرة لحصر تعريف هذه الكلمة، "المواجهة" .
والمواجهة هو الانتقال بمن تتمرد عليهم من حلبة التحدي الصغيرة والمحصورة، الى ميدان المواجهة الفسيح رغم التداخل بين المفهومين والمرادفين، الى أن نتائجهما الملموسة مختلفة تمام الاختلاف
تاريخ البشرية هو تاريخ تمرد، فسقراط و سبينوزا وديكارت وسبارتاكوس و داروين وماركس وفرويد وانشتاين هم مجموعة من المتمردين والافراد الاستثنائيين، لقد تمردوا على زمنهم وواقعهم والظروف المحيطة بهم والمؤسسات كذلك، لقد رفضوا ما هو موجود ومعترف به ومقدس محرم النبش فيه أو الاعتراض عليه، لقد رفض سقراط حكماء مدينته الحمقى والمدعين للحكمة وتحداهم وواجههم، مات ولكن انتصر عليهم، ونحن نعرف جيدا من يكون سقراط ولكننا ننجهل من هم أعداءه من كانوا في مواجههته وقادوه لتجرع السم نظير محاولته تحدي قوانين المدينة وعقودها، كما تحدى سبينوزا في الفلسفة وداروين في البيولوجيا سلطة الكنيسة القوية والمهيمنة ، كما واجه ماركس سطوة رأسالمال وأرضخ انشتاين اطلاقية نيوتن وأفحم تلاميذه
لقد كان دائما المحافظون و أعداء التغيير والحكام في مواجهة المتمردين الرافضين المتحدين، ونحن لا يمكننا أن نضع هؤلاء الى مقابل أولئك، مجددين ضد محافظين و تقدميين ضد رجعيين، وبينما يقود العقل المتشكك حركة المتمردين التقدميين، تحاول سطوة القمع عند المحافظين بجبروتها، اجبار هذا العقل على الركون الى الواقع والتسليم للقوة والبطش، بل وحتى ان لم تستعمل المؤسسات القوة المادية للجم اندفاعات الفكر فانها تلجأ الى مثقفين ضد حركة التاريخ، ومفكرين منتصرين لليقينية غارقين في الاطلاقية، عصا كبيرة في عجلة التاريخ التي تدور مع ذلك
بل وحتى عند هذا الشعوب المنعوتة بالسير خلف ثقافة القطيع، هذه الشعوب ذات الثقافة العربية والناطقة بالعربية فقد عرفت متمرديها هي كذلك، فأبو ذر الغفاري المتمرد ضد سطوة الجوع بالسيف، لا يقابله الا المقفع المسلم الذي تراجع عن اسلامه مشككا في النبوة رافضا للوحي، المتنبي وأبو نواس وابن سينا والراوندي و أبو العلاء المعري وابن خلدون كلهم متمردون على نحو ما، رافضون متحدون و مواجهون
المتمرد ليس انسانا رافضا بشكل غريزي وكفى، انه ذو احساس جمالي متين، ذاتية تنحو نحو العدالة الفضلى والفكرة الاسمى والحق الغائب والحقيقة المغيبة، انها ذاتية تنشد الخير لها وللاخرين، لا تنحو نحو الانعتاق الفردي حتى وان ان بدت آنيا كذلك، لا تسير تحت نشوة الفكرة الرافضة الهادمة فقط تحت ضغط الظروف أو تنفيسا عن كرب أو رغبة في الاصطدام، انها عصيان واعلان عدم انقياد وخضوع و معارضة
التمرد أحد الابعاد الاساسية للجنس البشري
ألبير كامي
أول ما يتبادر الى الذهن مع ذكر كلمة "تمرد" هو الرفض، لكن مع المرور من حبائل التفصيلات، نستطيع ان ندرك انه ليس كل رفض هو تمرد، هناك الرفض الصامت المستتر والمحتشم التبريري، وهناك الرفض الذي يشبه الحياد السلبي في ألوانه الرمادية ثم الداكنة، لذلك سنضيف الى كلمة رفض كلمة أخرى وهي "التحدي" . والتحدي كلمة بمعنى ايجابي عندما تضاف الى الكلمة الاولى، انه الانتقال من العدمية السلبية الى التفاؤل العملي، من رد الفعل الى الفعل ونمضي معا في تعريف كلمة تمرد التي لا نستطيع حصر تعريفها في مرادف واحد فريد، ليس كل من قال لا وتحدى هو متمرد بطبيعته، وبالتالي سنكون قد منحنا أنفسنا حق اضافة الكلمة الاخيرة لحصر تعريف هذه الكلمة، "المواجهة" .
والمواجهة هو الانتقال بمن تتمرد عليهم من حلبة التحدي الصغيرة والمحصورة، الى ميدان المواجهة الفسيح رغم التداخل بين المفهومين والمرادفين، الى أن نتائجهما الملموسة مختلفة تمام الاختلاف
تاريخ البشرية هو تاريخ تمرد، فسقراط و سبينوزا وديكارت وسبارتاكوس و داروين وماركس وفرويد وانشتاين هم مجموعة من المتمردين والافراد الاستثنائيين، لقد تمردوا على زمنهم وواقعهم والظروف المحيطة بهم والمؤسسات كذلك، لقد رفضوا ما هو موجود ومعترف به ومقدس محرم النبش فيه أو الاعتراض عليه، لقد رفض سقراط حكماء مدينته الحمقى والمدعين للحكمة وتحداهم وواجههم، مات ولكن انتصر عليهم، ونحن نعرف جيدا من يكون سقراط ولكننا ننجهل من هم أعداءه من كانوا في مواجههته وقادوه لتجرع السم نظير محاولته تحدي قوانين المدينة وعقودها، كما تحدى سبينوزا في الفلسفة وداروين في البيولوجيا سلطة الكنيسة القوية والمهيمنة ، كما واجه ماركس سطوة رأسالمال وأرضخ انشتاين اطلاقية نيوتن وأفحم تلاميذه
لقد كان دائما المحافظون و أعداء التغيير والحكام في مواجهة المتمردين الرافضين المتحدين، ونحن لا يمكننا أن نضع هؤلاء الى مقابل أولئك، مجددين ضد محافظين و تقدميين ضد رجعيين، وبينما يقود العقل المتشكك حركة المتمردين التقدميين، تحاول سطوة القمع عند المحافظين بجبروتها، اجبار هذا العقل على الركون الى الواقع والتسليم للقوة والبطش، بل وحتى ان لم تستعمل المؤسسات القوة المادية للجم اندفاعات الفكر فانها تلجأ الى مثقفين ضد حركة التاريخ، ومفكرين منتصرين لليقينية غارقين في الاطلاقية، عصا كبيرة في عجلة التاريخ التي تدور مع ذلك
بل وحتى عند هذا الشعوب المنعوتة بالسير خلف ثقافة القطيع، هذه الشعوب ذات الثقافة العربية والناطقة بالعربية فقد عرفت متمرديها هي كذلك، فأبو ذر الغفاري المتمرد ضد سطوة الجوع بالسيف، لا يقابله الا المقفع المسلم الذي تراجع عن اسلامه مشككا في النبوة رافضا للوحي، المتنبي وأبو نواس وابن سينا والراوندي و أبو العلاء المعري وابن خلدون كلهم متمردون على نحو ما، رافضون متحدون و مواجهون
المتمرد ليس انسانا رافضا بشكل غريزي وكفى، انه ذو احساس جمالي متين، ذاتية تنحو نحو العدالة الفضلى والفكرة الاسمى والحق الغائب والحقيقة المغيبة، انها ذاتية تنشد الخير لها وللاخرين، لا تنحو نحو الانعتاق الفردي حتى وان ان بدت آنيا كذلك، لا تسير تحت نشوة الفكرة الرافضة الهادمة فقط تحت ضغط الظروف أو تنفيسا عن كرب أو رغبة في الاصطدام، انها عصيان واعلان عدم انقياد وخضوع و معارضة
لا يوجد تعليقات على " محاولة لتعريف المتمرد: "